جريدة إلكترونية مغربية

قطة تواظب على الصلاة بمسجد ” أحـد ” بآسفي

عبد الله النملي

صدق أو لا تصدق، قطة ليست كمثيلاتها، تواظب على حضور جميع الصلوات بمسجد ” أحد ” بحي الرياض (المطار) جنوب مدينة آسفي. هذه القطة العجيبة، لا تفارق المسجد أبدا، في كل الصلوات المكتوبة، وحتى صلاة الجمعة وصلاة التراويح في رمضان. وحاول المصلون بشتى الطرق أن يُخرجوا القطة في العديد من المرات من المسجد ولكنهم فشلوا جميعا في إخراجها، حيث كان لديها إصرار غريب على التواجد المستمر بالمسجد يوميا وفي كل الأوقات. وبعد ذلك، ترك المصلون القطة بينهم داخل المسجد، حتى أضحى تواجدها بالمسجد وتنقلها بين جنباته وصفوفه أمرا عاديا، وغالبية مرتادي المسجد يعرفون هذه القطة.

فعندما تُقام الصلاة، تنطلق القطة مسرعة إلى الصفوف الأمامية لتأدية الفرض، وسط المصلين. وأحيانا تبدأ تتمايل وتتقلب على ظهرها وبطنها، وكأنها تستمتع بفريضة الصلاة وبرطوبة الأرضية، دونما إزعاج أو تشويش على المصلين. وحتى بعد انصراف المصلين وإغلاق باب المسجد، تظل القطة مُرابطة بجانب المسجد أو في حديقته، لا تبرح المكان حتى تنفتح أبواب المسجد في الصلاة القادمة، وفي صلاة الفجر تكون أول الملتحقين بالمسجد.

القطط حيوانات مُحببةٍ إلى النبي محمد ﷺ وكان يسميها من الطوافين والطوافات في البيوت. ويُحكى إن قطة قتلت ثعباناً كان على وشك أن يلدغ النبي ﷺ فقام عليه الصلاة والسلام بمداعبة ظهر القطة، ولذلك تسقط القطط على أرجلها الأربع وليس على ظهورها. وبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسير مع الجيش في الطريق في غزوة أحد رأى قطة حبشية ترضع صغارها فأمر الجيش بتغيير مساره حتى لا تفزع القطة وصغارها. وفي طريق عودته أخذها ليعتني بها. وفي يوم من الأيام رأى هرة تمر من جنب وعاء للماء فأماله قليلاً حتى تتمكن من الشرب. وكُني أحد الصحابة بأبي هريرة اقتباسًا من لفظ الهر، بسبب تعلقه الشديد بهذا الحيوان.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ من الماء الذي شربت منه القطة واعتبره طاهراً. وعلى عكس الكلاب، فإن الشرع الإسلامي أجاز بدخول القطط للمنازل والبيوت والمساجد وذلك لطهارتها. ووُردت أحاديث من السُّنة النبويَّة التي تدل على طهارتها وجواز اقتنائها وتربيّتها. وأجمع العلماء وجمهور المذاهب الأربعة على طهارة القطط، وطهارة بدنها وريقها، وعدم نجاسة الطعام الذي تأكل منه، وطهارة سؤرها وجلدها بخلاف بولها وروثها وما سال من دمها، وقد توضأ النبي محمد ﷺ مما تبقى من إناء ماء شربت منه قطة، ولا ينهى عن ذلك.

ومن الأحاديث والروايات التي رُويت في طهارة القط: روي عن أنس بن مالك في صحيح البخاري: خرج النبي ﷺ إلى أرض بالمدينة يقال لها بطحان، فقال: ” يا أنس اسكب لي وضوءاً ” فسكبت له، فلما قضى حاجته أقبل إلى الإناء وقد أتى هر فولغ في الإناء، فوقف النبي ﷺ وقفة حتى شرب الهر ثم توضأ، فذكرت للنبي ﷺ أمر الهر، فقال: ” يا أنس إن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئاً ولن ينجسه”. وروي عن أبو قتادة في صحيح مسلم: أن أبا قتادة دخل على كبشة بنت كعب بن مالك وهي زوجة ابنه: فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني انظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي، فقلت: نعم، فقال: إن رسول ﷺ قال: إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين أو الطوافات.

كما أن ملامسة القطط ولعابها لا يبطلان الوضوء، لأن القطة طاهرة، عكس لعاب الكلب هو الذي يبطل الوضوء إذا أصاب الثوب، لأن الكلب نجس. ومرور قطة أو غيرها من الحيوانات بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة، إنما يقطعها أحد ثلاثة أشياء على الصحيح من أقوال العلماء: المرأة البالغة، والكلب الأسود خاصة، والحمار. هكذا جاء عن النبي ﷺ أنه قال: يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود، قيل: يا رسول الله! ما بال الأسود من الأحمر والأصفر؟ قال: الكلب الأسود شيطان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.