” الـشـنـاقـة ” يلهبون أسعار الأضاحـي .. أيــن الحكومـــــة؟
بقلم : عبد الله النملي
تزامنا مع اقتراب عيد الأضحى، تشتكي أسواق الماشية في كل مدن المملكة، من غلاء كبير في أسعار الأضاحي فاق القدرة الشرائية لدى أصحاب الدخل المحدود والمتوسط. ويبرز مرة اخرى اسم” الشناقة” ضمن لائحة المتهمين بـ ” رفع أسعار الأغنام ”، إنهم “ نجوم العيد وأبطاله بامتياز”، يتواجدون في كل الأسواق، ويزاولون عملا من نوع خاص جدا، يشترون البضاعة ويغيّرون المكان من أجل إعادة بيعها بثمن زائد على الثمن الأول في إطار مضاربات مخالفة لمنطق السوق.
وأمام العجز الواضح للحكومة في التصدي للظاهرة الخطيرة، يحب الراعي أو الفلاح أن يبيع الخرفان بالجملة عوض الصبر على أيام السوق التي قد تتجاوز العشرة أيام مما يتسبب في ارتفاع تكاليفه المالية، ومع وجود ” شناقة ” محترفين وذوي رأسمال، تصبح معظم الخرفان في يد “الشناقة” الذين يستحوذون على أسواق الأضاحي ويرفعون أسعارها إلى مستويات قياسية تفوق القدرة الشرائية للمواطنين البسطاء.
و”الشناق” اصطلاحا يطلق على من يشتري الأضاحي من الراعي لا بنية الأضحية بل بنية إعادة بيعها، وقد يشتري الخروف من الراعي هنا ويبيعه في نفس السوق بثمن مضاعف، وهكذا يتحول السوق كله إلى “شناقة”. وغالبا ما تخضع هذه العملية لتنسيق مشترك بينهم، حتى يحافظون على سعر وربح موحد، وفي أحيان أخرى يشب الخلاف بينهم، وتندلع المنافسة بقوة. ويتميز “الشنّاقة” بكثرة الصياح والمناداة على الزبناء والإكثار من القسم والجرأة الزائدة لإقناع الزبون “الضحية”، وعدم منحه الفرصة للتمعّن في البضاعة حتى لا يكتشف الحقيقة تبعا للقاعدة الباطلة “الله يجيب الغفلة بين البائع والمشتري “.
ولم يضع حديث الحكومة عن تكثيف استيراد القطيع ودعم المستوردين، استعدادا لعيد الأضحى الذي يطرق الأبواب، حدا للهيب الأسعار في أسواق الخرفان. فبالرغم من جهود الدولة في دعم مستوردي المواشي بمبلغ 500 درهم، إلا أن الجشع لا يعرف حدوداً لدى “الشناقة” الذين تسببوا في الارتفاع الجنوني في أسعار الخرفان، وخاصة الإسبانية التي وصلت إلى 3400 درهما.
وتقف الحكومة عاجزة على ضبط أسواق الأضاحي قبل أسبوع من حلول عيد الأضحى، حيث قفزت الأسعار إلى أرقام كبيرة، بسبب عوامل كثيرة على رأسها “الشناقة”، أي الوسطاء الذين يتحكمون في السوق، ويتمتعون بقدرة فائقة على التفاوض وخفض ثمن الماشية عن المربين ورفعها بالنسبة للمستهلك، وفي المقابل تحقيق أرباح تتراوح بين 20 و30 في المئة من القيمة الإجمالية للمعاملة وربما أكثر.
فمن يحمي هؤلاء “الشناقة” من المساءلة؟، أليست لدينا ترسانة قانونية صارمة تعاقب على هذا الفعل؟، لماذا لا يتم استخدام السلطة والقانون لضمان استقرار أسعار السوق؟. كنت أعتقد أن توصيف الفوضى كاف وملخص لحالتنا هذه، لأكتشف أن عجائبنا أكبر من هذا التعريف. ماذا لو كانت السلطات في بلادنا، لديها من القوانين ما يكفي لحكم أهل البلاد جميعا، ثم تظل هذه القوانين غير مطبقة. هذه هي الحالة التي أطلق عليها أستاذ العلوم السياسية “ميرالد” اسم “الدولة الرخوة”، وهي دولة تضع القوانين، وتطبعها في كتب، ثم تبقى بلا جدوى في حياة الناس. إنه لمن العار أن نترك المواطن فريسة ل “شناقة” أسواق الأضاحي قبيل أيام من عيد الأضحى وكأن الحكومة غير موجودة.
فهل يخيل لعاقل أن عملا يرفع الأسعار ويحتكر السلع ويتلاعب بالسوق، قانوني؟، وهل يتصور مسلم أن مثل هذا العمل حلال؟