الحيثان المستفيدة من واقع الفساد والريع وتضارب المصالح قد تحولت إلى غول…
محمد الغلوسي
المتابع لحوار السيد البشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها مع الصديق الصحفي يونس مسكين على منصة صوت المغرب، سيلمس أن الرجل يشعر بإحباط وقلق كبير وسط رياح عاتية تحاصره من كل زاوية، جندي تائه في فيافي الصحراء وهو مجرد من أي سلاح، وقد نال منه العطش كثيرا، ينظر إليه الصحفي يونس مسكين وهو يردد بداخله “يحسن عوانك ”
يحدث هذا لأن مركب الفساد وزواج السلطة بالمال قد تغول كثيرا وأصبح مخيفا، وسدد مبكرا ضرباته القاتلة لمؤسسات الحكامة وضمنها هيئة محاربة الرشوة وحولها إلى جثت يمشي فوقها، حتى ان الناطق الرسمي للحكومة قد وجد نفسه وقد فُكَّت عقدة لسانه يلقي خطابا لنعيها وإلقاء الشتيمة على من يظن أنه بإمكانه أن يقدم لمركب الفساد والريع ولو مجرد نصيحة لوجه الله فما بالك بأن يتجرأ لخوض معركة مكافحة الفساد !
سأل الصحفي يونس مسكين السيد البشير الراشدي حول عدد الملفات الكبيرة التي عالجتها الهيئة فأجابه السيد الرئيس :ملف واحد واجهنا فيه عرقلة وقمنا بإحالته على النيابة العامة لأن القانون يعاقب من يعرقل أبحاث مأموري الهيئة!الحقيقة الثابتة اليوم هو أن الحيثان المستفيدة من واقع الفساد والريع وتضارب المصالح قد تحولت إلى غول وشبكات معقدة من المصالح ولايمكنها ان تسمح لهيئة دستورية قُرِّرَ لها أن تكون ضعيفة بتفكيك هذه المصالح الأخطبوطية!
إن القبول باستمرار تغول هذه الشبكات على الدولة والمجتمع يشكل خطرا حقيقيا على الأمن والإستقرار ،والأخطر هو ترك هذه المافيات تُنَكِّل بالمؤسسات وتحولها إلى أدوات صورية لتلميع الواجهة دون أن يكون لها أثر وهو سعي يوقظ كل الأحقاد ويفتح الأبواب مشرعة على المجهول ،فحذاري من الإستهانة بالأمر !