الحقوقيون المزيفون بآسفي: بين الادعاء والانتهاك
في السنوات الأخيرة، برزت في مدينة آسفي ظاهرة مثيرة للجدل، حيث أصبح لقب “حقوقي” يُطلق على بعض الأشخاص الذين لا يفقهون في حقوق الإنسان شيئًا، بل ويتحولون إلى أدوات لانتهاك هذه الحقوق بدلًا من الدفاع عنها. هذه الظاهرة لم تعد مجرد استثناءات، بل باتت قاعدة في بعض الأوساط، مما يطرح أسئلة عميقة حول دور العمل الحقوقي ومدى مصداقية بعض الفاعلين فيه.
من الدفاع عن الحقوق إلى استغلالها
من المفترض أن يكون الحقوقي مدافعًا عن حقوق الإنسان، محايدًا في مواقفه، ملتزمًا بالمبادئ، لكن في آسفي – كما في العديد من المدن المغربية – تحوّل هذا المجال في بعض الحالات إلى وسيلة لتحقيق المصالح الشخصية. فهناك من ينصب نفسه “حقوقيًا” دون أي تكوين قانوني أو وعي حقيقي بمبادئ حقوق الإنسان، ويستغل هذا اللقب للابتزاز، أو لتصفية الحسابات، أو لخدمة أجندات خفية.
حقوقيون بلا أخلاق: سلاح في يد الأقوياء
الخطير في الأمر أن بعض هؤلاء الحقوقيين المزيفين أصبحوا أدوات في يد لوبيات الفساد، يتسترون على الانتهاكات الحقيقية، وبدلًا من فضح التجاوزات، يتحولون إلى أصوات مدفوعة الأجر، تهاجم النشطاء الحقيقيين وتدافع عن الجلادين. وبذلك، يصبحون جزءًا من المشكلة بدل أن يكونوا جزءًا من الحل.
أحد أخطر تداعيات هذه الظاهرة هو تشويه صورة العمل الحقوقي في نظر المواطنين. فحين يرى الناس أن بعض من يسمّون أنفسهم حقوقيين هم في الحقيقة مجرد سماسرة للمصالح، يفقدون الثقة في النضال الحقوقي، مما يضعف أي محاولة جادة للدفاع عن الحقوق والحريات.
لمواجهة هذه الظاهرة، لا بد من:
تعزيز الوعي: من خلال تكوين الشباب المهتم بالحقوق عبر ورشات تدريبية ولقاءات مع حقوقيين حقيقيين.
الفرز بين الحقيقي والمزيف: يجب أن يكون هناك تمييز بين من يدافع عن الحقوق بمصداقية وبين من يستغلها لمصالحه الشخصية.
المساءلة: محاسبة كل من يثبت أنه يستخدم صفة “حقوقي” لأغراض غير شريفة، عبر المتابعة القانونية أو كشفه أمام الرأي العام.
تقوية المجتمع المدني: دعم الجمعيات الحقوقية الحقيقية وتمكينها من أداء دورها دون تدخلات أو ضغوط.
آسفي، مثل غيرها من المدن، تحتاج إلى حقوقيين نزهاء يدافعون عن المظلومين دون أجندات خفية. أما أولئك الذين يتاجرون بحقوق الإنسان، فليسوا سوى أعداء لهذه القضية، ويجب فضحهم حتى لا تبقى الحقوق مجرد شعار يُستخدم عند الحاجة، بينما الواقع يشهد عكس ذلك.