سحر ألوان إفريقيا “محور معرض تشكيلي جماعي بطانطان”
بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة، تنظم جمعية أصدقاء متحف الطنطان للتراث والتنمية الثقافية المعرض التشكيلي السنوي الخامس تحت شعار: "ألوان إفريقيا"، وذلك طيلة أيام 06- 12دجنبر2024 ببهو الخزانة الوسائطية في طانطان.
يشارك في المعرض فنانون تشكيليون من المناطق الجنوبية وخارجها، وهم: وهم الحسين إيلان، سليمان الدريسي، عبد الباقي راجي الإله، إبراهيم الحَيْسن، الراكب الحَيْسن، الإمام دجيمي، عبد الهادي مريد، فردوس هدى، جميلة العماري، فاطمة عيجو، عبد الحميد طيرا ومحمد فرقشي. يتميَّز معرض هذه النسخة بتكريم الفنان التشكيلي الموريتاني سيدي يحيى أحد أبرز التشكيليين في بلاده وبحوزته معارض فنية عديدة محلية ودولية.
يتضمن المعرض أيضا حصيلة ورشة فنية أقيمت بقاعة الفنون بمؤسسة المتنبي للتفتح الفني والأدبي أطرها أستاذا مادة التربية التشكيلية الرَّاكَب الحَيْسن وعبد الباقي راجي الإله، وقد شارك فيها 20 تلميذاً موهوباً تم انتقاء أعمال عشرة منهم. وقد تنوَّعت المواضيع والأساليب الفنية التي طبعت الأعمال المنتقاة لهؤلاء التلاميذ المبدعين إذ شملت قوافل الصحراء في إفريقيا ومسكن البدو وألوان لباسهم، إلى جانب نماذج من فنونهم الشعبية وغير ذلك من المواضيع التراثية التي صاغوها بتقنيات تعبيرية تأرجحت عموماً بين الرسم الواقعي والانطباعية اللونية، وذلك على سند الخشب المسطح بمقاسات موحدة 30×30 سم.
وبقاعة العروض والمحاضرات بالخزانة الوسائطية، سينظم توقيع كتاب “جماليات من الصحراء- مقاربة إستتيقية” (2023) للباحث إبراهيم الحَيْسن، يؤطر اللقاء د. الحسان المنصوري باحث في تاريخ الصحراء والجنوب المغربي مع ورقة ثقافية حول الكتاب يلقيها د. بوزيد الغلى باحث في التراث والأدبي والثقافي الحساني. وسيتعزز حفل التوقيع بعرض وتحليل شريط بصري (7 د. يوثق للجماليات والإبداعات الفنية الشائعة في الصحراء.
بمناسبة هذا المعرض صدر كاتالوغ بالألوان من القطع المتوسط قام بتصميمه الفنان عبد الباقي راجي-الإله، وقد تضمّن سِير وصور أعمال الفنانين المشاركين إلى جانب نص تقديمي للناقد ابراهيم الحَيْسن بعنوان “سحر إفريقيا” قام بترجمته إلى اللغة الفرنسية الباحث والناقد الفني عبد الله الشيخ، جاء فيه:
لطالما شكلت إفريقيا مصدر إلهام يستقي منه المبدعون مواضيعهم وتعبيراتهم الأدبية والفنية والجمالية بحكم المخزون الثقافي والتراثي التي تكتنزه منذ عصور وحقب موغلة في القِدم، والمتمثل في التاريخ والتقاليد الثقافية والأعراف والشعائر والممارسات الفنية، إلى جانب الاحتفاليات المحلية، وهي كثيرة ومتنوِّعة، فضلاً عن ما يُميِّز القارة من ألوان ورموز إثنوغرافية كثيرة تشغل الأقنعة والألبسة والأفرشة والأواني والأسلحة التقليدية وأدوات العمل اليومي..إلخ.
وبالنظر إلى كلِّ هذا الزخم الثقافي والحضاري، إرتأينا في هذه النسخة الخامسة لمعرض الطنطان السنوي للفنون التشكيلية أن يكون ثيماتيّاً مطروزاً بألوان وبسحرها المدهش، مع ترك المجال مفتوحاً أمام الفنانين المشاركين لاختيار سنداتهم وخاماتهم ومواد إبداعهم وتعبيرهم، وأيضاً لتحديد مساحة اشتغالهم (تصوير صباغي، غرافيك، إرساء وتجهيز، فيديو، فوتوغرافيا..) حتى يكون محتوى المعرض معاصراً ومواكباً للرَّاهن التشكيلي.
ولا شك أن للفنانين من القدرات الإبداعية الخلاَّقة التي تجعلهم قادرين على استيعاب “رسالة المعرض” والتفاعل معها جماليّاً، لذلك بدَت قطعهم الفنية مناسبة وملائمة ومعبِّرة، وأهم ما يُميِّزها:
– الاشتغال اللوني المكثف والمتمثل في وجود تكوينات تجريدية مفعمة بكتل لونية متراصة وأخرى مندمجة داخل مساحة السند، مصاغة بصبغات مائية وأخرى زيتية تتعاقب فيها نسب الظل والضوء.
– وجود لوحات شاخصة معبِّرة عن البيئة المحلية، إلى جانب أخرى تجريدية تتمحورها رموز إثنوغرافية بدلالات أيقونية ذات جذور إفريقية قائمة على التضاد اللوني والخطي.
– تفرُّد بعض الأعمال الفنية المعروضة بالكولاج المنهصر مع السند، حيث الورق المصبوغ وقطع القماش في اندماج تعبيري مأخوذ من جمالية اللباس الصحراوي والإفريقي بزخارفه البديعة وبألوانه الاحتفالية البرَّاقة.
– إلى جانب لوحات صباغية أخرى موسومة بخصائص إفريقية مرسومة ومصبوغة بتعبيرية لونية حداثية تكثر فيها السيولة والتسريحات اللونية التي تغطيها.
إلى جانب ذلك، تظل ميزة معرض هذه النسخة أنه يمتد للمعارض السابقة التي راهنت على جماليات رحل الصحراء، إذ يولي اهتماماً للعمق الإفريقي وامتداداته الثقافية والفنية في الصحراء والساحل، إلى جانب تكريم فنان تشكيلي من القطر الموريتاني الشقيق، يتعلق الأمر بالمبدع سيدي يحيى بجانب فنانين محليين وآخرين ضيوف من مدن مغربية مختلفة.
تأتي هذه المبادرة الجمالية المحمودة التي دأبت عليها جمعية أصدقاء متحف الطنطان لأربع نسخ سابقة في صلب دعم التجارب الفنية المحلية والجهوية عبر العرض المشترك والحوار مع تشكيليين متميِّزين من خارج المنطقة الجنوبية، ولا يسعنا بالمناسبة سوى توجيه فائق الشكر وبالغ الامتنانلوزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة وللمديرية الجهوية بكلميم ولكل من آزر هذا المشروع الجمالي للجمعية الرَّامي إلى تشجيع كوكبة من الفنانين التشكيليين من المناطق الصحراوية والتعريف بمنجزهم الفني عبر إقامة هذا المعرض التشكيلي السنوي الذي يفتح لهم، بكل تأكيد، مساحات وأوراشاً جمالية لتشييد نموذجهم الإبداعي وتكريسه في صورة ناضجة ومقنِعة.